ربما سأكون متناقضاً في هذه الكلمات لكننها الحقيقة، فإذا كانت الحقيقة لا تظهر إلا بالمتناقضات فلا بأس من ذلك عندي، أنا على وشك الكتابة لكم أني لا أطمح عندي موتي أن أُعرَف بـ “الكاتب المرحوم”، لا أرى من الممتع أن أنهي حياتي ويُكتب على قبري : الراقد هنا كتب بعض الكلمات التي صفق لها البعض أثناء حياته ولا نعلم مصيرها الآن فربما تكون كلماته ضاعت في موقع الكتروني مسروق أو أن بعض مؤلفاته نفدت من المكتبات قبل أعوام ولم يطلبها أحد فلم تُطبع مرة أخرى، هذا الخيال مُزعج جداً.
قلتها وأكررها مرة أخرى، أنا أقوم بالكتابة لأني أراها فعل ممتع في لحظته، ربما كتبت إلى هذه اللحظة أكثر من مئة مقالة ولا أرى ضيراً في القول أن غالبيتها كانت لمتعة الكتابة، لا شك أن بعضها كُتِبَت لهدف مُعين ولطرح رسالة أراها مهمة، لكن غالبية فِعل الكتابة كان للمتعة، ولا أخجل من التصريح بذلك، فالبعض يرى أن متعته الخاصة تكون في التحريض بين الشعوب والبعض ينتشي بالخداع والكذب كمهنة ثانوية، أما أنا فأتعامل مع الكتابة كفُسحة هادئة، هكذا أراها.
أحلم بلقاء الموت وأنا شاعر أبكى وأضحك بكلماته بعض البشر، شاعر استطاع خياله أن يرسم الصورة التي نهشتها واقعية هذه الحياة، أريد أن اُدفن وبعض أبيات شعري تطير فوق قبري، هاربة من قسوة الوزن والبحر الشعري، مممم لا أعلم ولكنني لستُ خجلاً أن أقابل الموت كذلك كساقي للشاي في المآتم الحسينية، كثيراً ما كنت أقول لبعض الأصدقاء عندما كنت أحضِّر الشاي في الحسينيات : أقوم بهذا العمل من باب الإحتياط، فإن لم يُقبَل الشِعر مني فربما يكون هذا الشاي ذخراً لي عند الموت.
على كل حال، لا مشكلة عندي أن آتي إلى الموت بسيرة ذاتية متعددة، عشرات المهام ومئات الأفعال وآلاف الأمنيات، فقبول إحداهم هو الفوز العظيم لي، خلاصة كلامي أني لا أعوِّل في هذه الدنيا على شيء واحد .. فلا أحد فينا يعلم ما هي نتيجته النهائية، جميعنا نقوم بما يتوجب علينا وننتظر القبول، لكنني أملك تعويذة تعلمتها من والدتي الكريمة ولستُ خجلاً في نقلها لكم، في كل عمل تقوم به .. استحضر رضا الله وقُل”اللهم بحق محمد وآلمحمد تقبل مني هذا العمل”.